البرازيل: ماذا بعد فوز الفاشي في الانتخابات؟

تساءلنا منذ ثلاثة أسابيع هل تتجه البرازيل نحو الفاشية. وللأسف جاءت الإجابة ليلة الاثنين من هذا الأسبوع بـ”نعم”.
أعلنت نتائج انتخابات الرئاسة البرازيلية بفوز المرشح اليميني الفاشي جايير بولسونارو بـ55٪ مقابل 45٪ حصل عليها منافسه اليساري فرناندو حداد، وبهذا تبدأ حقبة قد تكون مشبعة برائحة الدم في تاريخ البلد ذي الاقتصاد الأكبر في أمريكا اللاتينية والثامن على مستوى العالم.
حملة الرئيس الفاشي الجديد ارتكزت على مكافحة الفساد والجريمة، ولكن لم يخفِ بولسونارو توجهاته أو نواياه، فقد شن حملة عنصرية ضد الأفارقة، وهاجم المثليين، ووصف اللاجئين بالـ”حثالة”، وأبدى إعجابه بهتلر، ومدح النظام الدكتاتوري العسكري السابق الذي حكم البرازيل عقدين من الزمان، بل وتحسر إنه “لم يقتل بما فيه الكفاية”، ووعد بتشديد القبضة الأمنية و”تطهير البلاد من الشيوعيين واليساريين”، مع فتح المحميات الطبيعية للمستثمرين وتخفيف القيود على تملك السلاح. هذه عينة بسيطة من تصريحات بولسونارو الكارثية قبل انتخابه، أما أنصاره ومساعدوه فلهم تصريحاتهم التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية والتي لا تقل فاشية عن قائدهم بل تفوقه لأنهم أكثر صراحة.
وعلى الفور كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مقدمة المهنئين لبولسونارو، ورصدت وكالة رويترز ردودًا إيجابيًا في دوائر رأس المال، ولا عجب فهو المرشح الذي دعمته «وول ستريت جورنال» صحيفة كبار رجال الأعمال العالميين.
وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهنئة بولسونارو، الذي عجت مسيرات وتجمعات مؤيدي حملته الانتخابية بأعلام إسرائيل، والذي أعلن نيته زيارة الكيان قريبًا ونقل السفارة البرازيلية إلى القدس.
وفي باقي أنحاء العالم ولا سيما أوروبا، لقت أصداء انتخاب بولسورانو ترحيبًا حارًا ودعوات للتعاون من قادة اليمين المتطرف والعنصريين.
أعداؤنا الفاشيون الغارقون في الدعايات القومية يدركون جيدًا أن صراعهم أيضا أممي. ومثلما تنتشر الثورات بـ”تأثير الدومينو” تنتشر أيضًا الهزائم بنفس الطريقة. أي تصاعد للمد اليميني الفاشي في أي بقعة من العالم تعطي دفعة معنوية ومصدر إلهام وأحيانًا دعمًا لوجيستيًا مباشرًا لليمينيين بتشيكلاتهم المختلفة من الوسط إلى المتطرف الفاشي في باقي أنحاء العالم.
فوزهم في البرازيل هو خسارتنا، وعواقب الانتخابات لن تقف داخل حدود البرازيل بل ستمتد إلى باقي أنحاء القارة وخارجها.
ولكن ذلك ليس بالضرورة نهاية المطاف، فلنتذكر رغم صعوبة الموقف إن حوالي نصف الناخبين البرازيليين انتخب اليسار، ساحات الجامعات لا تزال محل صراع وتحاول الشرطة العسكرية بصعوبة السيطرة عليها، ولا تزال هناك حركات اجتماعية نسوية ومثلية ونقابات عمالية قوية ترفض بولسونارو والفاشية.. وهنا يكمن الأمل.