بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

بيان الاشتراكيين الثوريين

تسقط الحرب الإمبريالية القذرة.. وتحيا الحركة الجماهيرية الهادرة ضد الرأسمالية والحرب

كان 15 فبراير الماضي يومًا مشهودًا. فقد رفعت الجماهير في كل أركان العالم صوتها عاليًا جبارًا. وكان هذا درسًا قاسيًا لساسة النهب والقهر – ساسة الرأسمالية العالمية. في هذا اليوم امتلأت الآفاق برسالة الرفض الجماهيرية الجبارة لحرب الهيمنة والنفط، وغرقت شوارع لندن وروما وسيدني وباريس ونيويورك وبرلين ودمشق والقاهرة في طوفان بشري لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية. لقد أصبح للكادحين والمنهوبين صوتًا لا يمكن إغفاله، ولم يعد ممكنًا لجرائم “حفنة الأشرار المتعطشين للأرباح والدماء”، تلك الجرائم التي تتقرر في الغرف المغلقة، أن تمر دون مواجهة.

الحركة العالمية ضد الرأسمالية، وضد الحرب التي تخلقها وتغذيها، تتصاعد. نحن اليوم نشهد بأعيننا ميلاد جديد للنضال الجماهيري العالمي. لقد أصبح التضامن الأممي حقيقة ملموسة، وبات الكفاح الجماهيري واقعًا لا يمكن تجاهله. لا أحد يمكنه الآن الإدعاء بأن هذه “حرب الغرب ضد الإسلام”، أو أنها “حملة صليبية جديدة”. فطوفان الملايين في عواصم “الغرب” أوصل الرسالة إلى الجميع بلا التباس: هذه حرب يرفضها كل الكادحين المقهورين، في الغرب قبل الشرق، لأنها حرب الإمبريالية ضد الإنسان جمعاء.

وبالمثل، لا أحد يمكنه اليوم أن يقبل الأكاذيب التي طالما سمعناها عن فضائل الرأسمالية وروعة السوق الحر. فها هم “ساسة الليبرالية الجديدة” يستعدون لشن حربًا همجية ضد الشعب العراقي المحاصر، وذلك بعد أن أفقروا – على مدى السنوات – بلايين الكادحين ونهبوهم بواسطة سياسات صُممت خصيصًا لإنقاذ الرأسمالية على حساب تجويع عمال ومستغلي العالم. فأي رأسمالية “حرة” يتحدثون عنها إذن؟ الرأسمالية، في حقيقتها السافرة التي نراها اليوم، لا تعني إلا الاستغلال والقهر والديكتاتورية و.. الدماء.

أما حكامـ”نا” هنا في مصر، فهم يقولون أنهم ضد هذه الحرب بالذات. فلماذا إذن هللوا وشاركوا في سحق العراق في 1991؟ ولماذا يلهثون الآن، على خلفية مشهد مذبحة الشعب الفلسطيني، إلى مصافحة شارون؟ ولماذا يسعون حثيثًا إلى تصفية الانتفاضة؟ ولماذا يحتفظون بسفير الصهيونية في القاهرة؟ ولماذا يبعثون الوفود إلى واشنطن عاصمة الإمبريالية العالمية لخطب الود وللحفاظ على العلاقات الإستراتيجية؟ ولماذا يعقدون الصفقات بلا استحياء مع القذر بوش طمعًا في الحصول على “ثمن” صمتهم عن هذه الحرب المتوحشة؟ ولماذا يسمحون بمرور سفن الحرب الجهنمية من قناة السويس؟ ولماذا – قبل كل شيء – نرى الديكتاتور مبارك يجتهد في قمع الحركة المناهضة للحرب، تارة بجحافل الأمن المركزي في الشوارع، وتارة أخرى بحملات الاعتقال ضد مناهضي الحرب.

الإجابة على كل هذه الأسئلة الجوهرية لا تحتاج أبدًا إلى ذكاء. فأولئك الذين رفعوا سعر الدولار وخططوا عن عمد حتى يكتوي ملايين الكادحين المصريين بنار الحرب والأسعار والخصخصة والسوق الحر – أولئك الذين “تضامنوا” مع رأس المال ضد الجماهير – لا يمكن أن يناضلوا بحق ضد حرب تستهدف الشعوب الكادحة. إنهم فقط يخشون على عروشهم وأرباحهم، وحساباتهم السياسية تتحرك مع منحنى حساباتهم في البنوك. الحقيقة أصبحت واضحة تمامًا. فالذين تواطئوا مع الإمبريالية لقهر الشعب الفلسطيني باسم سلام مدريد وأوسلو، لن يناضلوا أبدًا من أجل حرية الشعب العراقي الأسير.

وحدها الجماهير في القاهرة ودمشق وعمان، وفي باريس ولندن ونيويورك، هي التي تستطيع تحرير الشعبين العراقي والفلسطيني (والشعب المصري أيضًا). وحدها حركة الجموع في الشارع هي التي يمكننا الاعتماد عليها. وفقط حين تمتزج الحركة ضد حروب الإمبريالية بالحركة ضد نهب الرأسمالية – حين ترتفع راية الاشتراكية كبديل – يمكننا أن نكون على أول الطريق لتحرير البشيرة من سيطرة الأقلية التي تتحكم في مصائر وحياة الملايين. في هذه اللحظة، وتحت قيادة الطبقة العاملة – الطبقة الأكثر تقدمًا التي لن تخسر بالنضال إلا قيودها – سوف تشرع الإنسانية في بناء عالم جديد خال من الفقر والقهر والحروب.

منظمة الاشتراكيين الثوريين