بيان الاشتراكيين الثوريين
المجد لشهداء ثورة يناير.. يسقط قضاء السيسي

كان من المتوقع أن تقوم محكمة جنايات القاهرة اليوم السبت بإصدار حكمها في قضية إعادة محاكمة مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، وسط تباين حول التوقعات المرتقبة وإن كانت جميع المؤشرات والأحداث الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القضاء المصري سيظل شامخاً هذه المرة كعادته في كل مرة، وهو ما لم يخالف تلك التوقعات!
المخلوع دخل هذه المرة كما عودنا محمولاً على سريره، ذلك المشهد الدرامي الممل في تفاصيل أحداثه بعدد تلك الأنفس التي أُزهقت سواء نتيجة التعذيب الممنهج بداخل أقسام الشرطة أو بعدد حالات الانتحار نتيجة الأزمات الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المجتمع المصري. محمد حسني مبارك ذلك الرجل الذي لم تستطع انتفاضة الخامس والعشرين من يناير سوى أن توجه له تهم (قتل المتظاهرين وإهدار المال العام) وذلك على مدار أكثر من أربعين جلسة محاكمة، لتنتهي بقرار محكمة النقض بقبول النقض وإعادة المحاكمة مرة أخرى.
جاءت جلسة المحاكمة هذه المرة في ظل أجواء مغايرة تماماً، فمع استمرار التجاهل الشعبي لسير المحاكمة الهزلية “مؤخراً” واستمرار التجاهل “القضائي” لموازين العدالة العمياء، تأتي محاكمة المخلوع كتجسيد مثالي لمرادفات الواقع البشع الذي نعاصره.. فالأوضاع لم تتغير كما كانت منذ أكثر من 3 سنوات.
فالقضاء المصري الشامخ كما يقولون يواصل السير في نزواته مع السلطة الحاكمة، فمنذ أيام قليلة صدرت أحكام بحق 78 قاصرا ما بين سنتين وخمسة سنوات بتهمة الانتماء إلي جماعة الإخوان والمشاركة في مظاهرات غير مصرح بها، ومن قبلهم طالبات الأزهر واللاتي صدر بحقهن تأييدا للأحكام الصادرة بالسجن خمس سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، المآسي كثيرة والمعتقلين الذين ترتفع أعدادهم بمرور الوقت من معتقلي الشورى حتى معتقلي التيار الإسلامي مرورا بمعتقلي “السائرون داخل الحوائط” جميعهم مدانون بتهم تنحصر فقط في “إرهاب الدولة” التي بدأت تشكل ملامح وجهها الفاشي.
القضاء المصري هو التجسيد الأمثل لتلك العدالة “العرجاء” عدالة لا تستطيع الوقوف في وجه من يرفض تنفيذ أحكامها بعودة الشركات التي خُصخصت برخص التراب، و”عمياء” يتجسد فجرها في التغاضي عن ضرب قوات الأمن للعمال بالخرطوش بالإسكندرية وإيقاف وتشريد قيادات النقابات المستقلة بالسويس مرورا بتقديم بلاغات تتهم النقابات المستقلة بتهديد الأمن القومي والإرهاب وأنها خلايا نائمة للإخوان، انتهاءا بقوانين تعد في الظلام لتشريد العمال ولإجهاض التنظيمات النقابية، أو عند التماهي مع سياسات الدولة في اعتقال آلاف الطلاب في حملات قمع وحشية سارت بالتوازي مع مجالس التأديب والعقوبات المتعلقة بالفصل التعسفي وبدون إجراء أي تحقيق.
اليوم أصدرت محكمة الجنايات حُكمها التاريخي والذي سينضم بالطبع إلى سلسلة الأحكام القذرة للقضاء المصري ببراءة المخلوع وحبيب العادلي ومساعديه من تهم قتل المتظاهرين، أحكام القضاء اليوم لن تمثل أي جديد في سباق القضاء المصري نحو السقوط إلى الهاوية، ولكن الشيء المؤكد والوحيد والذي يمكن استنتاجه من تجربة الأعوام الثلاثة الأخيرة أن التعويل الأول والأخير لإقامة المشانق لأعداء الثورة هي من يجب ان تكون على أيدي الجماهير الثورية وحركتها في الشارع.. على أيدي نضالات الطلاب بجامعتهم والعمال في مصانعهم.. على أيدي كل الجماهير الرافضة لسياسات الإفقار والتبعية والمذلة.. على أيدي الجماهير التي تقف في وجه حكم العسكر متمثلاً في الجنرال المجنون.
إن إجراءات المحاكمة لن تعني لنا الكثير، لا مجال للتعويل على أحكام قضائية تأتي من قضاة يخشون في السيسي ونظامه لومة لائم، ولا مجال للتعليق على أحكام القضاء المنبطحة، ولكننا سنتعاون مع جميع القوي الثورية في فضح مغزي محاكمة القرن بما تتضمنه من خبرات ستستدعيها الجماهير عندما تنتفض من جديد احتجاجا على استمرار سياسات الإفقار والتبعية والاستبداد التي تفوق فيها الجنرال السيسي على أستاذه مبارك.
إن الاشتراكيون الثوريون يؤكدون هذه المرة وأكثر من ذي قبل أن السبيل الوحيد لهدم أركان هذه الدولة الفاسدة وتطهيرها من زمرة المنتفعين والأفاقين يكمن فقط في بناء الحزب الثوري، هو بوصلتنا الوحيدة نحو بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.. مجتمع لن تكون فيه الطائفية أو تلك الشعارات الوطنية “الدوجمائية” محل لها من الإعراب.. فقط سيسمو فيه الإنسان فوق أي اعتبار.
هذا قضائكم قد رُد لكم.. هذه بضاعتكم الفاسدة.. يسقط حُكم العسكر
الاشتراكيون الثوريون
29 نوفمبر 2014