بيان الاشتراكيين الثوريين
موازنة إفقار وتقشف على وقع الاحتفالات بانتهاء مسرحية الانتخابات

على وقع الاحتفالات بانتهاء مسرحية الانتخابات الرئاسية يستمر السيسي في تطبيق سياسات التقشف والإفقار التي بدأها منذ عام 2013. فها هي الموازنة العامة الجديدة للعام المالي 2018 – 2019 تطل منذرةً بالمزيد الغلاء والفقر للمصريين. الموازنة التي بدأ إعدادها قبل الانتخابات الرئاسية وانتهت منها الحكومة ليقرها برلمان الثورة المضادة لم تحمل أي مفاجأة.
فالأهداف التي لا تزال الموازنة تسعى لتحقيقها هي خفض العجز، والذي يستهدف المشروع المطروح الوصول به إلى 8.5%، من 9.5% في الموازنة الجارية. ولكن خفض العجز لا تحمله الدولة إلا للقطاعات الفقيرة عبر زيادة الإيرادات من خلال الضرائب على الاستهلاك التي يتحمَّلها الفقراء، وقد شهدت الموازنة الجارية حصيلة ضرائب تُقدَّر بـ604 مليار جنيه تقريبًا، كان نصيب الضرائب على الدخل والأرباح – وهي الضرائب التي تحصل من الأغنياء – منها أقل من 210 مليار جنيه، بينما حصيلة الضرائب على السلع والخدمات والتي يتكبَّدها الفقراء تجاوزت 290 مليار جنيه.
وفي الموازنة الجديدة إذ تستهدف الدولة تحصيل 611 مليار جنيه من الضرائب، فلا يعني ذلك إلا المزيد من تحمل الفقراء للأعباء.
وبينما يساهم الفقراء بالحصة الأكبر في الإيرادات، فإن الدولة تتجه بثباتٍ لخفض الإنفاق العام الذي يستفيد منه الفقراء، فمع بدء تطبيق الموازنة العامة الجديدة، تتجه الدولة لخفض الدعم على الطاقة لتدفع أسعار السلع والخدمات لموجة تضخمية جديدة، كما يبدأ العام المالي الجديد برفع جديد لأسعار الخدمات التي تقدمها الدولة نفسها، الكهرباء والغاز والمياه وحتى تذاكر المترو. وإذ تتوقَّع الدولة في الموازنة الجديدة وصول التضخم إلى 13% فإن ما تطبيقه من سياسات كافي لدفع التضخم لمستويات أعلى.
هذا الارتفاع في التضخم لا يقابله زيادة مماثلة في الأجور، فالموازنة الجديدة تخصص لبند الأجور 266 مليار جنيه، وهو ما يزيد عن مخصصات الموازنة الجارية بنسبة 10% فقط، وهو ما يعني أن الأجور الحقيقية ستنخفض مجددا بسبب التضخم فضلا عن انخفاضها السابق منذ تطبيق سياسات التقشف، وهو ما دفع بأكثر من ربع المصريين تحت خط الفقر، وفقا لإحصائيات الدولة نفسها.
رغم أن الموازنة العامة لم تظهر للنور بكاملها بعد، فإن ما ظهر منها حتى الآن يعني استمرارًا لسياسات الإفقار والتقشف التي اتبعها السيسي، مضافًا إليها قيود الديون التي أغرق فيها البلاد والتي وصلت تكلفتها في العام المالي الجاري إلى 380 مليار جنيه، أي أكثر مما يتقاضاه المصريون من أجور من الموازنة العامة.
ورغم العواقب الوخيمة لتلك السياسات وأثرها المباشر على عشرات الملايين من العمال والطبقة الوسطة، لا تزال سلطة الثورة المضادة ماضيةً بكل قوةٍ في تطبيقها لتضيف في العام الجديد المزيد من المعاناة لحياة الفقراء. وبدلًا من زيادة موارد الدولة عبر سياسة ضريبية عادلة تحصل على أساس الدخل والأرباح وليس على أساس الاستهلاك، فإنها تخفض ما يحصل عليه الفقراء من إيرادات هم المسددون الأول لها، بل وتسعى لتحصيل إيرادات جديدة عبر تنشيط مشروع الخصخصة وبيع أصول المجتمع في إعادة لتجربة مريرة عانى منها العمال والفقراء وأثرى من خلفها الفاسدون والمستثمرون.
الاشتراكيون الثوريون
9 أبريل 2018