بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

إلى الرفاق – ورقة حول العمل في الأحياء

بعد ما بدا إنه استجابة من مرسي لمطالب الجماهير والحركات الثورية في قرار الاطاحة بقيادات المجلس العسكري، حرص الرئيس المنتخب على توضيح أن هذه القرارات لا تعنى تجذير الثورة، وإنها لا تتخطى عملية تغيير محدودة بمقتضاها انتهت ازدواجية السلطة، حيث لم تتضمن القرارات تحويل هؤلاء المجرمين الى المحاكمات العسكرية عقب كل الجرائم التي ارتكبوها طيلة العامين الماضيين، بل وفرت لهم الخروج الأمن والتكريم والمناصب الشرفية.

وبعد صدور هذه القرارات ألقى مرسي خطاباً في الاحتفال بليلة القدر للدفاع عن قراراته السابقة، ولم ينس ان يوضح إن جوهر السياسات الاقتصادية لن تتغير وإنها تقوم علي ان القطاع الخاص يعتبر شريكا استراتيجيا مع الدولة لخروج البلاد من الازمة الاقتصادية.

والحقيقة ان  تصريح مرسي يعد انعكاسا للبرنامج الاقتصادي لحزب العدالة والحرية والذي يطرح سياسة الليبرالية الجديدة بشكل واضح، كما نجد انعكاسات هذه السياسات في خطب قيادات الاخوان المسلمين مثل حسن مالك ملياردير الاخوان الذي أبدى اعجابه في تصريحات سابقة بالسياسات الاقتصادية المتبعة في عهد الرئيس مبارك وبسياسات رشيد محمد رشيد (وزير الاستثمار الهارب والمتهم بالفساد) في جذب الاستثمارات الاجنبية، وهي السياسات التي لم يعرقلها من وجهة نظر قيادات الأخوان سوى الفساد والمحسوبية، بالاضافة إلى تصريحات خيرت الشاطر في إبريل الماضي بأن القطاعين العام والخاص يجب ان يكونوا شركاء في المشاريع التنموية  مثل الكهرباء والمياه، وهي  الخدمات الاساسية في المجتمع والتي تريد قيادات الاخوان أن تتركها لسعر السوق.

باختصار حزب العدالة والحرية لا يجد اي مشكلة في إعادة انتاج السياسات الاقتصادية لنظام مبارك وهي السياسات المسئولة عن امتداد طوابير البطالة وانتشار الفقر وسيطرة رجال الأعمال علي مقاليد السلطة. والخطوات التي رسمتها القيادات الرأسمالية داخل حزب العدالة والحرية هي نفس طريق نظام مبارك من الاعتماد علي جذب الاستثمارات الاجنبية والاستمرار في سياسة الخصخصة، وبالطبع سن القوانين التي تصب في مصلحة الرأسماليين ضد  الاغلبية المطحونة مثل  الضرائب والجمارك وغيرها، فضلا عن السعي الي صندوق النقد الدولي للحصول علي القروض ولكن هذه المرة سوف تكون شروط البنك الدولي اكثر  اجحافا بسبب انخفاض المستوي التأميني للاقتصاد المصري،  فمن ضمن هذه الشروط خفض  قيمة الجنيه.

كما إننا إذا وضعنا في الاعتبار إن مصر تعتمد بشكل أساسي علي توفير السلع الأساسية عن طريق الاستيراد، فمصر تستورد 50% من احتياجاتها من القمح و70%من الزيت و%33 من السكر، فإن هذا يعني اننا سوف نشهد موجة ضخمة من إرتفاع الاسعار، والتي سيصاحبها حزمة من  سياسات التقشف  حسب شروط البنك الدولي تستهدف خروج الرأسماليين من أزمتهم علي حساب الملايين.

ولم يكن هشام قنديل رئيس الوزراء يهذي حين قال يجب علي الاسرة المصرية ترشيد الاستهلاك وذلك عبر ان يقبع كل أفراد الأسرة في غرفة واحدة  بالملابس القطنية.

وفي الوقت ذاته، نجد حركة جماهيرية صاعدة في الاحياء تتمثل في حركة الاحتجاج ضد نقص الخدمات الاساسية من انقطاع للكهرباء والمياه، وتصل الاحتجاجات في كثير من الاحيان الي محاصرة المحافظات ومقار الاحياء وشركات المياه حتي تصل الي قطع الطرق.

وهي حركة ممتدة في اغلب الاحياء وعلي مستوي الجمهورية من الاسكندرية لاسوان، ومن المتوقع ان تمتد هذه الاحتجاجات وتضم قطاعات اكبر من الجماهير (وهذا  ملاحظ في الاستجابة التي تشهدها حملة عايزين نعيش في الاحياء).

فمع التطبيق الفعلي للسياسات الاقتصادية لحزب العدالة والحرية وترشيد الاستهلاك والتقشف والازمات التي لها علاقة بعدم العدالة في توزيع الخدمات مثل الصحة والتعليم  وزيادة البطالة وغلاء الاسعار يحب ان نتوقع دخول قطاعات شعبية واسعة ومتزايدة  لخط الاحتجاجات.

ولكن حتي الان كل هذه التحركات عفوية تماما تظهر وتختفي بشكل سريع ،ولم تظهر بعد وسط التحركات الجماهيرية أشكال تنظيمية مثل الروابط او لجان الاحياء للتنظيم والمشاركة الجماعية في الاحتجاج، ولا يتوفر لها الخبرات النضالية  المهمة لاستمرارها.

وفي نفس الوقت.. وعلى الرغم من وجود حركة جماهيرية متنامية على الارض، نجد القوي السياسية معزولة عنها،  وفي اغلب الاحيان تطرح اشكالا من العمل التنسيقي فيما بينها بشكل نخبوي بدون الاشتراك في المعارك الحقيقية .

واذا كان الحزب الثوري يبنى  وسط المعارك والنضالات، لذا يجب علينا الاشتراك والتفاعل مع كل الحركات الاحتجاجية القاعدية ودفعها للامام، ومن هنا تأتي أهمية حملة “عايزين نعيش” مع التركيز علي عدة  أمور منها: الربط بين  القضايا الاجتماعية  والقضايا السياسية في الدعاية وسط الاحياء الشعبية بتحليل اشتراكي ثوري لمختلف القضايا، وكسب أكبر عدد ممكن من الطليعة الشعبية للافكار الاشتراكية الثورية وربطهم بحركة الاشتراكيين الثوريين.

كما يجب علينا العمل علي استمرار التحركات الجماهيرية عن طريق تنظيمها في روابط ولجان احياء ولجان شعبية، وضمان أكبر قدر من المشاركة  في اتخاذ القرار بين جماهير الاحياء، وقد تكون هذه الاشكال المنظمة جنين للسلطة البديلة والتي سوف يكون لها دور حاسم في الموجة الثانية من الثورة.

ويجب علينا ان نطور ادواتنا بشكل دائم وعدم الاقتصار على المعارض والبيانات والوقفات الاحتجاجية، بل يجب ان نفكر في اشكال اكثر جذب للجمهور مثل مسرح الشارع، وعقد مؤتمرات جماهيرية في الحدائق العامة في الاحياء أو المقاهي لطرح مواقفنا من  القضايا التي تشغل الجماهير.

فنحن امام فرصة تاريخية لكسب الشارع تجاه اليسار الثوري، وللتحول من نواة لحزب ثوري الي حزب ثوري حقيقي يبنى في قلب المعارك، وله جذور في أغلب الاحياء والمصانع.